توغلت دورية تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الخميس 18 كانون الأول، في عمق ريف القنيطرة الجنوبي، حيث نفذت عملية اختطاف طالت مدنياً في قرية حران. التوغل ترافق مع تعزيزات عسكرية شملت دبابات وجرافات نصبت حاجزاً مؤقتاً في “سرية الدرعية”، وسط مخاوف شعبية متزايدة من نية الاحتلال قضم مساحات جديدة من الأراضي السورية تحت ذريعة الدواعي الأمنية. هذا التصعيد يأتي بعد أيام قليلة من استهدافات مدفعية طالت تلالاً استراتيجية في المنطقة، مما يشير إلى رغبة إسرائيلية في تثبيت واقع ميداني جديد في الجنوب.
تفاصيل التوغل الإسرائيلي في القنيطرة واختطاف مدني
بدأ المشهد منذ الساعات الأولى للصباح، حين رصد الأهالي تحركاً غير معتاد لدبابات وجرافات الاحتلال. الدورية التي ضمت دبابتين وجرافتين وسيارة عسكرية، اقتحمت منطقة “سرية الدرعية” التابعة لقرية المعلقة. لم يكتفِ الاحتلال بالتوغل، بل نصب حاجزاً عسكرياً وشرع في إطلاق النار بشكل عشوائي لإبعاد السكان المحليين عن أراضيهم الزراعية.
وبحسب مصدر مطلع من وجهاء المنطقة تواصلت معه “سوريا نت”، فإن قوات الاحتلال لم تكتفِ بالتواجد في المعلقة، بل وسعت نشاطها ليصل إلى قرية حران. هناك، أقدمت القوة المقتحمة على اختطاف شخص واقتادته إلى جهة مجهولة داخل الجولان المحتل، قبل أن تنسحب جزئياً من محيط المنازل.
قال أبو خالد، أحد سكان قرية المعلقة، لـ”سوريا نت” واصفاً اللحظات الأولى للتوغل:
“سمعنا صوت الجرافات وهي تنهش الأرض، ثم بدأ الرصاص يلعلع فوق رؤوسنا. كانت الدبابات تتقدم وكأنها تريد ابتلاع السرية بالكامل. الجيران خافوا على ولادهم وهربوا لداخل الضيعة، والوضع هون بيبكي الحجر”.
حتى اللحظة، لا تزال هوية الشخص المختطف مجهولة، وسط تكتم شديد من جانب الاحتلال، وهو ما دفع الناشط الحقوقي في القنيطرة، أحمد سويدان، للقول:
“ما يجري هو قرصنة علنية وانتهاك صارخ للسيادة. اختطاف المدنيين يهدف لإرهاب المجتمع المحلي ومنع الناس من العودة لزراعة أراضيهم القريبة من خط وقف إطلاق النار”.
استهداف تل أحمر وسيناريو “قضم الأراضي”
هذا التطور الميداني لم يأتِ من فراغ. فقد سبقه يوم الأربعاء قصف مدفعي استهدف “تل أحمر الشرقي” بـ 3 قذائف انطلقت من مرابض الاحتلال في الجولان. التل المذكور يحاذي “تل أحمر الغربي” الذي يحتله الجيش الإسرائيلي فعلياً منذ سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول 2024.
لاحظ مراسلنا في المنطقة أن هناك نمطاً متكرراً يتبعه الاحتلال؛ يبدأ بالقصف، ثم التوغل بالجرافات لحفر خنادق وأنفاق، وينتهي بوضع اليد على التلال الاستراتيجية. الأهالي في القنيطرة يعيشون حالة من “النقزة” (التخوف) الدائمة. يخافون أن يستيقظوا ليجدوا “تل أحمر الشرقي” قد أصبح قاعدة عسكرية إسرائيلية، تماماً كما حدث مع جاره الغربي الذي صودرت أراضيه وحُرم أصحابها من الوصول إليها.
سياق تاريخي: الجنوب السوري بعد سقوط النظام
منذ انهيار المنظومة الأمنية لنظام الأسد في أوائل كانون الأول الجاري، استغل الاحتلال الفراغ العسكري ليعيد رسم خارطة “المنطقة العازلة”. وفق وثائق حصلت عليها “سوريا نت” من مصادر محلية، قام الاحتلال بتجريف مساحات واسعة من الكروم والأراضي الزراعية في ريف القنيطرة الجنوبي والغربي خلال الأسبوعين الماضيين.
هذا التغول المستمر يضع الفصائل المحلية والقوى الثورية الجديدة أمام تحدٍ معقد. فالناس هنا لا يريدون حرباً، لكنهم “ما بيقدروا يسكتوا” على سرقة أرزاقهم أمام أعينهم. الوجع الأكبر هو فقدان الأراضي التي كانت تُعيل مئات العائلات في القنيطرة ودرعا.
مخاوف من عمليات إخلاء قسري
التخوف الأكبر لدى السكان اليوم ليس فقط التوغل العسكري، بل عمليات “الإخلاء الصامت”. يخشى الأهالي في القرى المحاذية للتلول أن يجبرهم الاحتلال على الرحيل لإقامة منطقة عسكرية مغلقة. هذا السيناريو سيؤدي إلى موجة نزوح جديدة لآلاف الأشخاص الذين صدقوا أنهم سيعيشون بسلام بعد رحيل النظام.
مستقبل الجنوب في ظل الانتهاكات
إن استمرار التوغل الإسرائيلي في القنيطرة ينذر بانفجار شعبي إذا لم تتدخل القوى الفاعلة لوضع حد لهذا القضم الممنهج. يبدو أن إسرائيل تسابق الزمن لتوسيع نفوذها في الجنوب السوري، مستغلةً مرحلة الانتقال السياسي التي تمر بها البلاد.
التطورات المتوقعة تشير إلى مزيد من التحصينات الإسرائيلية على التلال الاستراتيجية، وربما عمليات اختطاف إضافية للتحقيق مع السكان وجمع معلومات استخباراتية. يبقى السؤال: هل ستتحرك المؤسسات الدولية لوقف هذا العدوان، أم سيُترك أهالي القنيطرة لمواجهة الجرافات بصدورهم العارية؟
الأسئلة الشائعة حول التوغل الإسرائيلي في القنيطرة
ماذا حدث في ريف القنيطرة اليوم؟
توغلت دورية إسرائيلية في قرى المعلقة وحران، ونصبت حاجزاً عسكرياً، وقامت باختطاف شخص مجهول الهوية قبل انسحابها الجزئي.
لماذا يستهدف الاحتلال تلال القنيطرة؟
يهدف الاحتلال للسيطرة على التلال الاستراتيجية مثل تل أحمر الشرقي لتأمين مراقبة كاملة للجنوب السوري ومنع أي تشكيلات عسكرية من الاقتراب من الحدود.
هل هناك عمليات نزوح حالياً؟
هناك حالة من الرعب والنزوح المؤقت من الأراضي الزراعية القريبة من مواقع التوغل، وسط مخاوف من صدور أوامر إخلاء دائمة للقرى الحدودية.
