لطالما كانت سوريا بعيدة عن رادارات عمالقة التكنولوجيا الغربيين بسبب الظروف السياسية والاقتصادية. لكن يبدو أن الرياح بدأت تتجه نحو التغيير. في خطوة مهمة، أعلنت شركة “أوراكل” الأميركية العملاقة استعدادها لدخول السوق السورية. يشير هذا الإعلان إلى اهتمام جدي، حتى لو كان مشروطاً، بفرص إعادة الإعمار والتحديث.
متى يمكن أن نرى “أوراكل” على أرض الواقع؟ نائب الرئيس التنفيذي لحلول السحابة في الشركة، تشريان فارغيس، نقل لصحيفة The National الإماراتية أن استثمارات أوراكل في سوريا 2025 ستكون جاهزة “عند توافر الظروف الاقتصادية والقانونية المناسبة”. وبالتالي، أوضح فارغيس أن أوراكل “ستكون هناك” لدعم القطاعين العام والخاص بمجرد “أن تُفتح الأبواب أمام الأعمال في سوريا”. هذا التصريح يحمل أهمية استراتيجية تتجاوز مجرد العمل التجاري.

لماذا تُعتبر أوراكل “نقطة تحول” تقنية؟
شركة أوراكل ليست مجرد شركة تقنية عادية؛ إنها من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم. تأسست الشركة عام 1977 في الولايات المتحدة، وتُعرف بأنها رائدة عالمية في تطوير قواعد البيانات والبرمجيات المؤسسية. لذلك، فإن دخولها إلى أي سوق يشير عادةً إلى تطور كبير في البنية الرقمية.
ما هي الخدمات التي تقدمها أوراكل وتهم سوريا؟ تقدم الشركة حلولاً متكاملة تشمل الخدمات السحابية (Cloud Services)، وإدارة البيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي، وأمن المعلومات. على سبيل المثال، تُستخدم تقنياتها في قطاعات حساسة وكبرى مثل البنوك، والحكومات، والجامعات حول العالم. هذا يعني أن دخول أوراكل السوق السورية سيكون له تأثير مباشر على تحديث الأنظمة الحكومية التي تحتاج إلى إصلاح جذري.
من ناحية أخرى، لم تكشف الشركة عن موعد محدد أو خطة تنفيذية لدخولها. ومع ذلك، تبقى الخطوة مرهونة بعاملين رئيسيين: رفع العقوبات الدولية، واستقرار الإطار القانوني الداخلي. هذا التأكيد يُرسل رسالة واضحة إلى دمشق والمجتمع الدولي بأن البيئة التشريعية والسياسية هي المحرك الأساسي للاستثمار الأجنبي المباشر.
الأهمية الاستراتيجية: تحديث البنية الرقمية في سوريا
ترى مهندسة المعلوماتية، ميس عساف، أن استثمارات أوراكل في سوريا 2025 ستكون خطوة استراتيجية ذات أثر تقني واقتصادي عميق. فأوراكل من الشركات القادرة على توفير بنى تحتية رقمية متكاملة تُستخدم في إدارة الأنظمة الحكومية والمصرفية وقطاع التعليم في البلاد.
كيف يمكن لخبرة أوراكل أن تساعد سوريا تحديداً؟ خبرتها الطويلة في قواعد البيانات والحوسبة السحابية يمكن أن تُسهم بشكل حاسم في تحديث البنية الرقمية في سوريا. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تحسن كفاءة المؤسسات السورية، خاصة بعد سنوات من تراجع قدرات الأنظمة بسبب الأوضاع السابقة. إن وجود هذه الشركة سيكون مؤشراً قوياً على بدء إعادة بناء البيئة التقنية والاستثمارية المحلية. هذا يمنح دلالة إيجابية بأن مرحلة “إعادة البناء الاقتصادي” قد بدأت فعلياً في رسم معالمها التقنية.
هل تقتصر خدمات أوراكل حالياً على التدريب؟ فارغيس أوضح أن أوراكل، رغم غيابها الرسمي، تقدّم بالفعل بعض خدماتها التقنية عبر شركاء محليين. تشمل هذه الخدمات التدريب وإصدار الشهادات التقنية، في انتظار الانفتاح الاقتصادي الكامل للبلاد. لذلك، فإن الشركة تحافظ على وجود “ناعم” في السوق، وتستعد للانطلاق الكبير فور رفع القيود.

العقبات والتحديات: رفع العقوبات عن التكنولوجيا شرط أساسي
لا يمكن التغاضي عن العوائق الجدية التي تقف أمام أي استثمار أجنبي في سوريا. تشدد المهندسة ميس عساف على أن العقوبات الدولية والقيود التكنولوجية المفروضة على سوريا لا تزال تمثل “عائقاً رئيسياً أمام أي نشاط فعلي”.
إذاً، ما هو الشرط الأهم لدخول أوراكل؟ دخول الشركة يظل مرهوناً بتهيئة بيئة قانونية واضحة وآمنة. هذه البيئة يجب أن تحمي البيانات والاستثمارات الأجنبية. ومن ثم، يجب الأخذ بالاعتبار خصوصية الوضع السوري والحاجة إلى استقرار تشريعي وتقني قبل أي استثمار فعلي. هذا يضع الكرة في ملعب صناع القرار في دمشق والمجتمع الدولي معاً.
يتطلب رفع العقوبات عن التكنولوجيا جهوداً دبلوماسية واسعة. يجب العمل على فصل الاحتياجات التقنية الضرورية لإعادة بناء الدولة عن القضايا السياسية المعلقة. على سبيل المثال، قد يكون هناك إجماع دولي على السماح بدخول تقنيات تُستخدم فقط في قطاعات الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم. هذا المسار التفاوضي هو الطريق الوحيد لفتح الباب أمام حلول أوراكل السحابية وغيرها من الشركات الكبرى.
التداعيات الاقتصادية: التحول الرقمي كقاطرة للاقتصاد
إن دخول شركة بحجم أوراكل إلى سوريا لا يقتصر تأثيره على قطاع المعلوماتية فحسب؛ بل يعتبر مؤشراً قوياً للاستقرار الاقتصادي العام. فغالباً ما تتبع استثمارات الشركات التقنية الكبرى استثمارات أخرى في قطاعات مختلفة. بالتالي، تخلق هذه الشركات فرص عمل عالية المهارة وتُحسن من بيئة الابتكار.
كيف يمكن لـ دخول أوراكل السوق السورية أن يؤثر على رواد الأعمال؟ إن توفير بنى تحتية سحابية متطورة بأسعار تنافسية سيشجع الشركات الناشئة ورواد الأعمال المحليين على إطلاق مشاريعهم الرقمية وتوسيع نطاق أعمالهم. هذا يسرع من وتيرة التحول الرقمي في البلاد ويقلل الاعتماد على الحلول التقنية القديمة والمكلفة.
علاوة على ذلك، سيعمل هذا الاستثمار على رفع معايير التدريب التقني. إن البرامج التدريبية وإصدار الشهادات التقنية من أوراكل (التي تُقدم حالياً عبر الشركاء) ستوفر للشباب السوري تأهيلاً عالمياً. هذا التأهيل ضروري لمواكبة متطلبات سوق العمل العالمي في عام 2025 وما بعده.
دور الحكومة: ضرورة توفير البيئة القانونية الآمنة
لا يمكن للمستثمر الأجنبي أن يتحمل المخاطر القانونية والتشريعية بمفرده. يجب على الحكومة السورية أن تقوم بتهيئة الأرضية القانونية اللازمة لجذب استثمارات أوراكل في سوريا 2025 والشركات الأخرى.
ما هي الخطوات الملموسة المطلوبة؟ يجب وضع تشريعات واضحة لحماية البيانات والأمن السيبراني، مع ضمان استقلالية القرار التقني للمؤسسات. من ثم، يجب توفير آليات شفافة لحل النزاعات التجارية، والابتعاد عن البيروقراطية المعقدة. إن المستثمر يبحث عن بيئة مستقرة يمكنه التخطيط فيها على المدى الطويل. ولذلك، يجب أن تكون الأولوية لـ “الاستقرار التشريعي” وليس فقط “الاستقرار السياسي”.
إن الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، وتحديداً في قواعد البيانات، هو استثمار في سيادة الدولة وكفاءتها. هذا يعني أن دمشق أمام فرصة تاريخية لاستغلال اهتمام عمالقة التكنولوجيا لبناء دولة حديثة تعتمد على الكفاءة التقنية.
الطريق المفتوح المشروط
في الختام، يمثل إعلان “أوراكل” عن اهتمامها فرصة ذهبية لسوريا لإعادة إطلاق قطاعها التقني. إن استثمارات أوراكل في سوريا 2025 هي المفتاح لتحديث قواعد البيانات والبنى السحابية في البلاد.
لكن هذه الفرصة مشروطة. لا يمكن تحقيق هذا الإنجاز دون جهد دولي لـ رفع العقوبات عن التكنولوجيا، وجهد داخلي لتهيئة الإطار القانوني. بالتالي، تظل الخطوة مرهونة بمدى استعداد دمشق لتوفير بيئة أعمال واضحة وآمنة تتماشى مع المعايير الدولية.
هل تعتقد أن الظروف القانونية ستتوفر قريباً لدخول “أوراكل”؟ شاركنا رأيك في التعليقات أدناه، واشترك في نشرتنا الاقتصادية للحصول على المزيد من تحليلات الاستثمار في المنطقة!