أعلن الرئيس اللبناني جوزيف عون، اليوم الخميس، أن الجهود الدبلوماسية المكثفة نجحت في إبعاد شبح الحرب عن البلاد، مؤكداً أن المرحلة المقبلة ستشهد ولادة “لبنان الجديد”. وجاءت هذه التصريحات عقب لقاء الرئيس بالبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، حيث شدد عون على المضي قدماً في إجراء الانتخابات بموعدها الدستوري، بهدف الانتقال من “دولة الأحزاب والطوائف” إلى دولة المؤسسات والمحاسبة، تزامناً مع مساعٍ دولية لوقف نزيف الجرح في الجنوب اللبناني.
لبنان الجديد: من دولة الطوائف إلى دولة المحاسبة
في أجواء ميلادية بامتياز، وفي قلب الصرح البطريركي بـ “بكركي”، رسم الرئيس جوزيف عون خارطة طريق للمرحلة المقبلة. التصريح الأبرز الذي أطلقه عون كان طمأنة اللبنانيين بأن خطر الانزلاق نحو حرب شاملة قد تراجع بشكل كبير. “الاتصالات الدبلوماسية لم تتوقف أبداً”، هذا ما قاله الرئيس للصحفيين، موضحاً أن التنسيق مع القوى الدولية أثمر عن نتائج إيجابية ستظهر تباعاً.
لكن الأهم في خطاب الرئيس كان تركيزه على الداخل. فقد دعا إلى بناء “دولة المحاسبة” التي يطالب بها اللبنانيون منذ سنوات. لاحظ مراسلنا في بيروت أن نبرة الرئيس كانت حازمة حين قال: “إن شاء الله العام المقبل نشهد ولادة لبنان الجديد.. دولة المؤسسات لا دولة الأحزاب والطوائف”. هذا الطموح يلامس وجع السوريين أيضاً، الذين يراقبون استقرار الجار اللبناني كجزء من استقرار منطقتهم.
قال طوني فرنسيس، الكاتب والمحلل السياسي في بيروت، لـ “سوريا نت”:
“كلام الرئيس عون اليوم هو بمثابة ‘جرعة أمل’ للشارع الذي يعيش على أعصابه منذ أشهر. التركيز على إجراء الانتخابات بموعدها هو الرسالة الأقوى بأن الدولة لا تزال واقفة على رجليها رغم كل الضغوط الإقليمية”.
جرح الجنوب والالتزام بالدستور
لم ينسَ الرئيس عون في حديثه مأساة الجنوب اللبناني، حيث وصف ما يجري هناك بـ “الجرح الذي ينزف”. وأكد أن الرغبة الحقيقية هي إنهاء الحروب والعيش في سلام دائم. وبحسب وثيقة حصلت عليها “سوريا نت” من مصادر دبلوماسية في بيروت، فإن هناك توافقاً بين الرئيس عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نواف سلام، على حماية الاستحقاق الانتخابي مهما كانت الظروف.
أكد الرئيس عون في تصريحه الرسمي:
“أنا والرئيس بري والرئيس سلام مصممون على إجراء الانتخابات في موعدها. هذا استحقاق دستوري مقدس، ولا بد من تنفيذه في وقته لضمان انتقال السلطة بشكل ديمقراطي وشفاف”.
هذا التصميم يعكس رغبة لبنانية واضحة في استعادة الثقة الدولية، خاصة وأن المجتمع الدولي يربط مساعداته بمدى التزام لبنان بالإصلاحات السياسية والدستورية.
سياق تاريخي: التحديات التي سبقت التصريح
يأتي هذا التطور بعد شهور من التوترات الحدودية والضغوط الاقتصادية التي كادت أن تعصف بلبنان. تاريخياً، لطالما كان لبنان ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية، لكن تصريح عون اليوم يشير إلى “قرار لبناني” مدعوم دولياً لتحييد البلاد عن الصراعات الكبرى. إن إبعاد شبح الحرب ليس مجرد جملة عابرة، بل هو نتيجة مفاوضات شاقة وتنازلات متبادلة لضمان عدم انهيار الدولة بالكامل.
لاحظ مراسلنا في دمشق أن السوريين، وخاصة التجار والعائلات المرتبطة بلبنان، استقبلوا هذه التصريحات بارتياح حذر، معتبرين أن “استقرار بيروت هو رئة لدمشق”.
هل انتهى “شبح الحرب” فعلاً؟
تفاؤل الرئيس جوزيف عون يفتح نافذة من الأمل في جدار الأزمات اللبنانية. إبعاد شبح الحرب هو الخطوة الأولى، لكن التحدي الأكبر يكمن في تطبيق شعار “دولة المحاسبة”. الانعكاسات المتوقعة في الأسابيع المقبلة ستتمحور حول التحضيرات اللوجستية للانتخابات ونتائج الحراك الدبلوماسي في الجنوب. تبقى العبرة في التنفيذ، فهل سينجح لبنان فعلاً في أن يولد من جديد بعيداً عن قيود الطائفية؟
أسئلة شائعة حول الرئيس جوزيف عون
ماذا يقصد الرئيس عون بـ “دولة المحاسبة والمؤسسات”؟
يقصد بها إنهاء سيطرة الأحزاب والطوائف على مفاصل الدولة، وتفعيل دور القضاء والمؤسسات الرقابية لضمان شفافية العمل الحكومي ومحاسبة الفاسدين.
هل ستجرى الانتخابات اللبنانية في موعدها؟
أكد الرئيس عون، بالاتفاق مع نبيه بري ونواف سلام، التصميم الكامل على إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري دون أي تأخير.
ما هو وضع “شبح الحرب” الذي تحدث عنه الرئيس؟
أعلن الرئيس أن الاتصالات الدبلوماسية نجحت في تبريد الجبهات وإبعاد خطر الحرب الشاملة عن لبنان، مع توجه الأمور نحو الإيجابية في المستقبل القريب.
