في تصريحات مثيرة للجدل، حذّر الرئيس السوري أحمد الشرع من أن نزع السلاح في جنوب سوريا قد يمهّد الطريق أمام احتلال إسرائيلي محتمل لمناطق أوسع داخل البلاد، وصولاً إلى وسط سوريا. وجاءت تحذيرات الشرع خلال مقابلة أجراها مع صحيفة واشنطن بوست أثناء زيارته إلى واشنطن ولقائه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث كشف عن تعثر الاتفاق الأمني بين دمشق وتل أبيب في لحظاته الأخيرة.
الشرع: نزع السلاح يهدد السيادة السورية
قال الشرع إن الحديث عن إنشاء منطقة منزوعة السلاح جنوب دمشق “بالغ الصعوبة”، مشدداً على أن أي خطوة من هذا النوع تتناقض مع مبدأ السيادة الوطنية، مؤكداً أن “الجيش السوري لن يقبل أن يكون ضيفاً داخل أراضيه”.
وأضاف أن الرئيس الأميركي ترامب “يدعم موقف سوريا الرافض لأي وجود إسرائيلي دائم داخل الأراضي السورية”، موضحاً أن بلاده تطالب بانسحاب كامل وغير مشروط للقوات الإسرائيلية مقابل اتفاق أمني شامل.

إسرائيل «تتهرب» من اتفاق وشيك
كشف مستشار الرئيس الإعلامي، أحمد موفق زيدان، أن المفاوضات التي جرت بين الجانبين السوري والإسرائيلي بوساطة أميركية كانت على وشك النجاح، قبل أن تتراجع إسرائيل عن التزاماتها في اللحظة الأخيرة.
وأوضح زيدان أن “سوريا ما تزال متمسكة باتفاقية فض الاشتباك لعام 1974”، مشيراً إلى أن الدبلوماسية السورية تمارس صبراً استراتيجياً تجاه التصعيد الإسرائيلي الأخير.
تصريحات الشرع: من الجولان إلى وسط سوريا
اتهم الشرع إسرائيل بأن تحركاتها العسكرية ليست دفاعية بل “نابعة من طموحات توسعية”، موضحاً أن “إسرائيل احتلت هضبة الجولان بذريعة حماية نفسها، والآن تفرض شروطاً جديدة جنوب دمشق لحماية الجولان”.
وسخر قائلاً: “بعد سنوات ربما تحتل إسرائيل وسط سوريا لحماية الجنوب، وعلى هذا المنوال ستصل في النهاية إلى ميونيخ”.
فشل المفاوضات: الأسباب الخفية
خلال الأشهر الماضية، عقدت عدة جولات تفاوضية في باكو، باريس، ولندن، بوساطة أميركية، لتحديد خطوط اتفاق أمني جديد. لكن وفقاً لوكالة رويترز، توقفت المفاوضات في سبتمبر الماضي بعد أن طالبت إسرائيل بفتح ممر عسكري نحو السويداء، وهو ما رفضته دمشق رفضاً قاطعاً.
وأكد الشرع أن “أي تنازل عن السيادة السورية غير وارد”، مشيراً إلى أن الطريق ما زال طويلاً للتوصل إلى اتفاق نهائي.
سياق أوسع: هجمات متكررة وتوسع ميداني
منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، نفّذت إسرائيل عشرات الغارات الجوية على مواقع داخل سوريا، وتوغلت قواتها مراراً في الجنوب السوري، بما في ذلك مناطق منزوعة السلاح. وتقول تقارير استخباراتية إن إسرائيل تسعى لإنشاء حزام أمني عازل يمتد من الجولان حتى الحدود الأردنية.
تحليل: ما وراء تصريحات الشرع
يرى مراقبون أن الشرع يحاول من خلال هذه التصريحات الضغط على المجتمع الدولي لتثبيت حق سوريا في الدفاع عن أراضيها، خصوصاً بعد ازدياد الهجمات الإسرائيلية وتراجع الدعم الروسي في بعض الجبهات.
ويعتقد خبراء أن انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي السورية سيبقى الشرط الحاسم لأي تسوية مستقبلية.
ما التالي؟
حتى الآن، لا توجد مؤشرات واضحة على استئناف المفاوضات قريباً، رغم استمرار الوساطة الأميركية. وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن الأمم المتحدة قد تطرح مبادرة جديدة خلال مطلع 2026 تهدف إلى نزع فتيل التوتر في الجنوب السوري وإعادة تفعيل خطوط وقف إطلاق النار.
❓ لماذا فشلت المفاوضات بين سوريا وإسرائيل؟
بسبب الخلاف حول الممر العسكري إلى السويداء ورفض دمشق أي مساس بسيادتها، إضافة إلى انعدام الثقة بين الطرفين.
❓ هل يدعم ترامب الموقف السوري؟
وفق تصريحات الشرع، نعم. فقد عبّر ترامب عن تفهمه لموقف دمشق الداعي إلى الانسحاب الإسرائيلي الكامل قبل أي اتفاق شامل.
❓ ما هي تداعيات نزع السلاح جنوب سوريا؟
قد يؤدي إلى فراغ أمني يفتح الباب أمام توسع إسرائيلي أو اشتباكات جديدة في المنطقة العازلة.
