من؟ أكد وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، وبمشاركة حاكم مصرف سوريا المركزي ورئيس بعثة الصندوق إلى سوريا، ماذا؟ أن الحكومة السورية شرعت في تنفيذ حزمة إصلاحات اقتصادية ومالية عاجلة ومحورية، متى؟ وذلك في تصريحات أدلى بها يوم الأربعاء الموافق 16 تشرين الأول/أكتوبر 2025، أين؟ على هامش مشاركته في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في العاصمة الأمريكية، واشنطن، لماذا؟ بهدف تسريع وتيرة إعادة بناء الاقتصاد الذي دمرته سنوات الحرب الطويلة، كيف؟ من خلال الاعتماد على بناء القدرات الداخلية، تهيئة بيئة الاستثمار، وترتيب “البيت الداخلي” المالي للدولة.
في تصريح يعكس تحولاً في الاستراتيجية الاقتصادية للحكومة السورية، أطلق وزير المالية محمد يسر برنية إشارة واضحة: دمشق لن تقف مكتوفة الأيدي بانتظار توافق المجتمع الدولي. على صعيد متصل، ستتحرك الحكومة بشكل استباقي لتنفيذ أجندتها الإصلاحية. لقد جاء التأكيد بأن سوريا في “عجلة من أمرها لإعادة بناء اقتصادها الذي مزّقته الحرب” ليكون بمثابة إعلان رسمي للبدء في مسار “الاقتصاد المتسارع”. هذا المسار يركز على الكفاءة الداخلية والتحضير لجذب التمويل الخارجي بشروط دمشق. تضع هذه الخطوة الحكومة السورية في مواجهة مباشرة مع التحديات الهيكلية والقيود الجيوسياسية التي شكلت عائقاً أمام التعافي منذ سنوات. تشير تصريحات الوزير إلى أن الأولويات الآن تتركز على استعادة المصداقية المالية ومعالجة العبء الهائل للديون. هذه الخطوات ضمن إصلاحات سوريا الاقتصادية تهدف لتهيئة المناخ قبل أي محادثات جادة حول تمويل إعادة الإعمار.
تحليل لخطوات إصلاحات سوريا الاقتصادية ومسار التعافي
أولويات دمشق: ركائز إعادة الثقة المالية والإصلاح الاقتصادي
يشير التحدي الأكبر الذي يواجه صناع القرار الاقتصادي في سوريا إلى الحاجة الملحة لاستعادة الثقة المفقودة في المؤسسات المالية. بناءً على تصريحات الوزير برنية، فإن الأجندة العاجلة لوزارة المالية ترتكز على ثلاث ركائز أساسية قبل التفكير في أي عمليات اقتراض دولي محتملة. تشمل هذه الركائز استعادة المصداقية المالية، وتبسيط النظام الضريبي السوري شديد التعقيد، وأخيراً، معالجة عبء الديون الهائل. وتأتي هذه الخطوات استجابة لحالة الانفتاح الاقتصادي والسياسي التي تشهدها البلاد، وجهود الحكومة الواضحة لاستقطاب الدعم الدولي وإعادة الثقة.
أكد برنية، في كلمة ألقاها بواشنطن، أن احتياجات سوريا من المؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، تنصب على “بناء القدرات ونقل المعرفة والتكنولوجيا والمعرفة الفنية والخبرة”، وليس بالضرورة الحصول على أموال نقدية. وهذا يمثل اعترافاً ضمنياً بأن البيئة التشريعية والمالية الداخلية غير مهيأة بعد لاستقبال قروض كبرى. لذلك، تكمن الأولوية في تحديث الأطر الرقابية والتشغيلية.
الاحتياجات الرئيسية من المؤسسات الدولية (2025):
- نقل الخبرة الفنية: توفير استشارات حول أفضل ممارسات إدارة الدين العام.
- بناء القدرات: تدريب الكوادر السورية على نماذج الحوكمة المالية الحديثة.
- تطوير التكنولوجيا: مساعدة في أتمتة الأنظمة الضريبية والجمركية.
وفي هذا الصدد، أشاد الوزير بالاجتماع الذي عقده مع طاقم دائرة شؤون المالية العامة في صندوق النقد الدولي. علاوة على ذلك، أشار إلى أن حضور كبار المديرين والفنيين يعكس “اهتماماً واضحاً بالتعاون مع سوريا”. للاطلاع على المزيد من التفاصيل الفنية، يمكن مراجعة [التقرير الفني لصندوق النقد الدولي حول سوريا].
معالجة الديون وتبسيط النظام الضريبي: محفزات لإصلاحات سوريا الاقتصادية
يشكل الدين العام السوري، داخلياً وخارجياً، أحد أضخم العقبات أمام انطلاق عجلة التنمية. حتى تاريخ كتابة هذا الخبر في أكتوبر 2025، تُقدر تكلفة إعادة بناء الاقتصاد بعد أكثر من 15 عاماً بعشرات المليارات من الدولارات. وبالتالي، لتسهيل مسار التعافي، يجب أولاً ترتيب ملف الديون لكي تتمكن البلاد من الوصول إلى أسواق الائتمان الدولية لاحقاً.
النظام الضريبي كعائق للتنمية:
بينما يتميز النظام الضريبي السوري بكونه شديد التعقيد، فإنه يثبط الاستثمار ويعزز الاقتصاد غير الرسمي. لذلك، تضع الوزارة تبسيطه على رأس الأولويات. تشمل الجهود المبذولة ما يلي:
- توحيد القوانين: دمج الرسوم والجبايات المتعددة ضمن قانون ضريبي شامل وأكثر شفافية.
- الأتمتة والرقمنة: التحول نحو الأنظمة الرقمية لتقليل الفساد وتحسين كفاءة التحصيل.
- تخفيف الأعباء: مراجعة نسب الضرائب على الشركات الصغيرة والمتوسطة لتشجيع نموها.
فضلاً عن ذلك، يهدف تبسيط النظام الضريبي إلى رفع الإيرادات الحكومية بطريقة مستدامة وعادلة. هذا يقلل الاعتماد على التمويل بالعجز من المصرف المركزي، وهو أحد مصادر التضخم الرئيسية. هذه الخطوات تعد ضرورية لاستعادة المصداقية المالية التي تحدث عنها الوزير.
تحليل عبء الدين في 2025:
يُعتقد أن الجزء الأكبر من الدين العام السوري يتركز في الديون الداخلية. هذه الديون تُستخدم لتمويل عجز الموازنة، بالإضافة إلى التزامات خارجية تجاه دول حليفة. إن خطة معالجة هذا العبء تتطلب:
- إعادة هيكلة الديون الداخلية عبر إصدار سندات حكومية جديدة ذات آجال استحقاق أطول.
- إجراء مفاوضات ثنائية مع الدائنين الخارجيين لإعادة جدولة أو شطب جزء من الديون، خاصة تلك التي كانت قائمة قبل عام 2011.
ومع ذلك، أشار الوزير في حوار مع وكالة [الصحافة الفرنسية] إلى أنه لا توجد نيّة للاقتراض في الوقت الراهن، بالرغم من أن ذلك غير مستبعد مستقبلاً، مؤكداً: “نريد التأكد من أن بيتنا الداخلي مرتب”. هذه الجملة تحمل دلالات قوية على ضرورة إنجاز الإصلاحات الهيكلية أولاً.
جذب الاستثمار الخاص: حجر الزاوية في التعافي الاقتصادي السوري
تتمثل الإستراتيجية طويلة الأمد لدمشق في تفعيل دور القطاع الخاص ليصبح المحرك الرئيسي للنمو. حجم الإنفاق الحكومي المتاح للإنعاش الاقتصادي محدود. تؤكد أجندة الوزارة تركيزها في المرحلة الحالية على كيفية تهيئة البيئة الداعمة للقطاع الخاص وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI).
جذب المستثمر الأجنبي:
إن عبارة برنية بأن “سوريا مكان جيد للاستثمار ولو استغرق ذلك وقتاً طويلاً” تهدف إلى طمأنة المستثمرين المحتملين. العوائد على المدى الطويل تستحق المخاطرة. وبناءً عليه، يتطلب جذب هذا النوع من الاستثمار تحقيق جملة من الشروط:
- الأمن القانوني: إصدار قوانين تضمن حماية الملكية الفكرية والأصول الأجنبية.
- تسهيل الإجراءات: تقليل البيروقراطية وتسريع الموافقات عبر إنشاء “نافذة استثمارية واحدة”.
- تحسين البنية التحتية: التركيز على مشاريع الطاقة المتجددة وشبكات النقل التي هي أولوية للمستثمرين الدوليين.
بينما تواجه إصلاحات سوريا الاقتصادية تحدي العقوبات الأمريكية والأوروبية، تتطلع الحكومة السورية إلى قطاعات معينة لا تخضع بالكامل للقيود. [استعرض القطاعات الأكثر جاذبية للاستثمار الأجنبي في سوريا]. إضافة إلى ذلك، هذه القطاعات تشمل الزراعة (خاصة الأمن الغذائي) والصناعات الصغيرة التي يمكن أن تلعب دوراً في سلاسل الإمداد الإقليمية الناشئة.
أسئلة وإجابات:
س: ما هي أولويات وزير المالية السوري في 2025؟ ج: ترتكز الأولويات على ثلاثة محاور رئيسية: استعادة المصداقية المالية، تبسيط النظام الضريبي، ومعالجة عبء الديون الهائل.
س: هل ستقترض سوريا من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي؟ ج: حتى الآن، أكد الوزير محمد برنية أنه لا توجد نية للاقتراض. ومع ذلك، ينصب تركيز سوريا على الحصول على الدعم التقني وبناء القدرات والخبرة الفنية من المؤسسات الدولية.
الخلفية الجيوسياسية: العقوبات وتأثيرها على مسار الإصلاحات الاقتصادية
تضفي ملاحظة الوزير حول تحسن العلاقات السورية – الأمريكية “يوماً بعد يوم”، وتفاؤله بعودة الشركات والبنوك الأمريكية والدولية، بعداً جيوسياسياً على الأجندة الاقتصادية. إن عودة البنوك الدولية، لا سيما الأمريكية، تبقى مرتبطة بتطورات تتجاوز الإصلاحات الداخلية. من جهة أخرى، ترتبط هذه العودة ارتباطاً وثيقاً بـ تحديات قانون قيصر وتأثيره على التمويل الإنساني والعقوبات المفروضة.
وجهات نظر متعارضة:
- الرؤية السورية: تعتبر دمشق أن تحسن العلاقات يمكن أن يأتي من خلال إصدار الحكومة الأمريكية استثناءات وتراخيص واسعة النطاق لأغراض إنسانية وإعادة إعمار محددة. هذا يمهد لعودة الشركات التي لا تعمل في القطاع العسكري أو النفطي.
- رؤية المجتمع الدولي: يرى جزء كبير من المجتمع الدولي أن أي تطبيع اقتصادي كبير يجب أن يسبقه تقدم في العملية السياسية.
إن أي خطوة نحو عودة البنوك الدولية تتطلب مراجعة شاملة لآليات الامتثال الدولية. يجب توفير ضمانات للبنوك بأنها لن تخضع للملاحقة بموجب العقوبات الأمريكية والأوروبية. على صعيد متصل، يمكن قراءة المزيد عن [مستقبل العلاقات الاقتصادية العربية السورية بعد الانفتاح الإقليمي]. هذه الخطوة بحد ذاتها، لو تحققت، ستكون دليلاً قاطعاً على نجاح مسعى إصلاحات سوريا الاقتصادية الجارية.
تحديات 2026: عقبات هيكلية تواجه الإصلاحات السورية
على الرغم من اللهجة المتفائلة التي تبناها الوزير برنية، تظل التحديات التي تواجه مسار التعافي هائلة. إن الاعتماد على الذات والتحرك دون انتظار دعم دولي كامل هو مسار محفوف بالمخاطر ويتطلب موارد مالية ضخمة لا تتوفر بسهولة حالياً.
أبرز العقبات المتوقعة في 2026:
| التحدي | الوصف |
|---|---|
| هجرة الكفاءات | استمرار نزيف الكوادر والخبرات الفنية اللازمة لتطبيق الإصلاحات المعقدة. |
| التضخم | معدلات تضخم عالية، تتطلب سياسات نقدية صارمة بالتوازي مع الإصلاحات المالية. |
| البيروقراطية والفساد | وجود مقاومة داخلية لتغيير الأنظمة القديمة والمصالح الراسخة. |
| القيود الخارجية | استمرار تأثير العقوبات على القطاع المصرفي والتجارة الدولية. |
وبالنظر إلى أن دمشق تستهدف تهيئة البيئة الاستثمارية، فإن نجاح هذه المرحلة يعتمد بشكل حاسم على قدرة الحكومة على توفير استقرار نسبي في سعر الصرف. بالإضافة إلى ذلك، يتطلب هذا تنسيقاً غير مسبوق بين وزارتي المالية والاقتصاد والمصرف المركزي. في هذا الإطار، يُستخدم الصوت النشط في جمل الوزير عندما يقول “سنتحرك بدونكم” ليوضح الإرادة السياسية الصارمة للتنفيذ. يمكن قراءة المزيد من [التحليلات الاقتصادية الإقليمية]
الخاتمة: المستقبل بين الإرادة والواقعية
لقد أظهرت تصريحات وزير المالية السوري محمد يسر برنية في اجتماعات واشنطن لشهر أكتوبر 2025 التزاماً واضحاً وغير مسبوق بخطة إصلاحات سوريا الاقتصادية ذاتية الوتيرة. تتمحور الخطة حول استعادة الثقة المالية من خلال إصلاح النظام الضريبي الشائك ومعالجة أزمة الدين. بالمقابل، يتم التركيز على بناء القدرات التقنية بدلاً من طلب التمويل النقدي المباشر من المؤسسات الدولية. هذا التحول يمثل رغبة دمشق في تدارك الوقت الضائع وتأمين موطئ قدم للقطاع الخاص للعب دوره في عملية إعادة الإعمار التي قد تتكلف عشرات المليارات من الدولارات.
التطورات المرتقبة:
نتوقع أن تشهد الأشهر القادمة، خاصة في مطلع عام 2026، إعلانات تفصيلية بشأن آليات تبسيط النظام الضريبي. كما نتوقع تحركات واضحة على صعيد المفاوضات الإقليمية لتعزيز الاستثمار من دول لم تفرض عقوبات. إن الإعلان عن تحسن العلاقات مع واشنطن قد يشير إلى قنوات غير رسمية أو استثناءات بدأ العمل بها. هذا يفتح الباب أمام عودة محتملة لشركات عالمية غير أمريكية.
ندعو القراء الكرام لمتابعة تغطيتنا المستمرة لتحركات الحكومة السورية على صعيد الإصلاح الاقتصادي وتأثيرها المباشر على حياة المواطن والقطاعات الإنتاجية. هل تعتقد أن دمشق قادرة على تحمل تكاليف التعافي الذاتي؟ شاركونا آراءكم وتحليلاتكم.