أثار قرار مديرية تربية السويداء بتعليق الدوام المدرسي حتى إشعار آخر، حالة من القلق والجدل الواسع بين الأهالي والطلاب والمعلمين في المحافظة.
ويأتي هذا القرار في ظل تصاعد التوترات الأمنية التي شهدتها المنطقة مؤخراً، ما دفع السلطات التعليمية إلى اتخاذ إجراءات احترازية لحماية أرواح الطلاب والكادر التدريسي.
قرار تعليق الدوام المدرسي في السويداء، الذي أُعلن يوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025، لم يكن مفاجئاً بالنسبة للبعض، خاصة بعد تحذيرات الحرس الوطني من مخاطر الطائرات المسيرة التي استهدفت مناطق مأهولة بالقرب من المدارس.
أسباب القرار وتفاصيل البيان الرسمي
في بيان رسمي، أكدت مديرية التربية أن تعليق الدوام يأتي حرصاً على أمن وسلامة الطلاب والمعلمين، مشيرة إلى أن بعض الهجمات الجوية “استهدفت مناطق قريبة من المدارس”، مما جعل استمرار العملية التعليمية في هذه الظروف “غير آمن”.
وأوضح البيان أن القرار مؤقت ولن يشمل تأجيل امتحانات الشهادة الثانوية المقررة في الثامن من نوفمبر القادم. ودعت المديرية الطلاب إلى مواصلة التحضير، على أمل استئناف الدروس في أقرب وقت ممكن بعد استقرار الأوضاع الأمنية.
آراء الأهالي والمعلمين حول القرار
تباينت ردود الفعل تجاه تعليق الدوام المدرسي في السويداء بين مؤيد ومعارض.
فمن جهة، عبّرت بعض الأمهات مثل إيناس، وهي والدة لطفلين، عن ارتياحها للقرار معتبرة أنه يضمن سلامة أبنائها بعد تزايد حوادث تسلل الطائرات المسيرة في سماء المدينة.
وقالت: «شعرت بالطمأنينة لأنني لم أرسل أولادي إلى المدرسة هذا الصباح، فالوضع الأمني لا يُطمئن».
في المقابل، اعتبر خالد، وهو معلم متقاعد، أن القرار “خطير على مستقبل التعليم”، مشيراً إلى أن الطلاب عانوا من فاقد دراسي كبير خلال الأعوام السابقة، وقد يؤدي هذا التعليق الجديد إلى “إضعاف المستوى العلمي أكثر فأكثر”.
وأضاف: «التعطيل المستمر يقتل الحافز عند الطلاب، ويجعلهم يشعرون أن التعليم لم يعد أولوية».
تأثير القرار على الطلاب والامتحانات
القرار أثّر بشكل مباشر على طلاب الشهادة الثانوية الذين يعيشون حالة من القلق والترقب.
الطالب نائل، أحد طلاب الثانوية العامة، قال إنه “يشعر بخوف كبير من تأجيل الامتحانات مجدداً”، بعد أن عاش عاماً دراسياً مليئاً بالتأجيلات والضغوط النفسية.
وأوضح: «نحن نعاني من فقدان الكتب وصعوبة الدراسة في القرى الريفية، وإذا استمر التعليق، سنفقد أي أمل في التحصيل العلمي».
أما نهال، وهي مدرسة رياضيات، فقد وصفت القرار بأنه “متسرّع وله تبعات تربوية خطيرة”، موضحة أن “التهجير الأخير وغياب الرواتب والتضييق على المعلمين” كلها عوامل ساهمت في إنهاك العملية التعليمية قبل صدور القرار الأخير.
مستقبل التعليم في السويداء وسط الظروف الأمنية

تتزايد المخاوف اليوم بشأن مستقبل التعليم في محافظة السويداء مع استمرار تدهور الأوضاع الأمنية وتكرار قرارات تعليق الدراسة.
ويرى مختصون في الشأن التربوي أن الطلاب في الجنوب السوري يواجهون واحداً من أكبر التحديات التعليمية منذ سنوات، إذ أصبحوا بين خطر الأوضاع الأمنية وقلق فقدان فرصهم التعليمية.
كما حذّر عدد من المدرسين من أن استمرار التعليق دون إيجاد بدائل تعليمية رقمية أو دعم نفسي للطلاب قد يؤدي إلى “جيل جديد يعاني من فجوة معرفية كبيرة”.
وفي هذا السياق، دعا الأهالي وزارة التربية والمنظمات الدولية إلى توفير حلول بديلة تضمن استمرار التعليم ولو عن بُعد، إلى حين استقرار الأوضاع الأمنية.