أعلنت النيابة العامة في النمسا، يوم الأربعاء 13 تشرين الثاني 2025، عن توجيه اتهامات رسمية إلى ضابطين سوريين سابقين عملا ضمن أجهزة نظام الأسد البائد، بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة ضد المدنيين في مدينة الرقة بين عامي 2011 و2013.
وقالت النيابة في بيانها إن أحد المتهمين عميد سابق في المخابرات السورية والآخر رئيس مكتب التحقيق الجنائي السابق برتبة مقدم، مشيرة إلى أن التحقيقات كشفت تورطهما في أعمال تعذيب وعنف جسدي واعتداءات جنسية ضد محتجزين مدنيين خلال الحرب.
تفاصيل القضية والتحقيقات الجارية
أوضحت النيابة النمساوية أن التحقيق استند إلى مبدأ “الولاية القضائية العالمية” الذي يمنح الدول الحق في محاكمة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بغض النظر عن موقع ارتكابها أو جنسية الجناة والضحايا.
وتمكن المحققون من التعرف على هوية 21 ضحية حتى الآن، عبر شهادات ناجين وأدلة موثقة بالتعاون مع منظمات حقوقية دولية.
كما كشفت التحقيقات أن المتهمين قدما طلبات لجوء إلى النمسا عام 2015، وحصلا على الإقامة بعد وصولهما من سوريا، ليكتشف لاحقاً انتماؤهما إلى الأجهزة الأمنية السابقة.
ماذا تعني الولاية القضائية العالمية؟
تُعد الولاية القضائية العالمية (Universal Jurisdiction) مبدأً قانونياً دولياً يسمح للدول بمقاضاة مرتكبي الجرائم الكبرى مثل الإبادة الجماعية والتعذيب وجرائم الحرب حتى لو لم تقع على أراضيها.
وقد استخدمت دول أوروبية عدة هذا المبدأ سابقاً لمحاسبة مسؤولين من أنظمة مختلفة، منها ألمانيا وفرنسا والسويد، في ملفات تتعلق بجرائم ارتكبت في سوريا منذ عام 2011.
ويأتي تحرك القضاء النمساوي ضمن الجهود الأوروبية لتوسيع نطاق العدالة الدولية ضد المتورطين في انتهاكات النظام السوري، في ظل غياب أي مسار قضائي داخل سوريا نفسها.
ردود الفعل الحقوقية والدولية
رحبت منظمات حقوق الإنسان، منها هيومن رايتس ووتش والمركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان (ECCHR)، بالخطوة النمساوية، معتبرة أنها “انتصار رمزي للعدالة الدولية ولضحايا الانتهاكات في سوريا”.
وأكدت هذه المنظمات أن توسيع نطاق الملاحقات القضائية في أوروبا يبعث برسالة واضحة مفادها أن الإفلات من العقاب لم يعد ممكناً، حتى بعد مرور أكثر من عقد على بداية النزاع.
اتهامات مماثلة في فرنسا ولبنان
تأتي هذه التطورات بعد أسابيع من تقرير نشرته صحيفة الشرق الأوسط في 3 تشرين الثاني، كشف أن السلطات الفرنسية طلبت من لبنان تعقب وتوقيف ثلاثة من كبار جنرالات نظام الأسد البائد بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أدت إلى مقتل مواطنين فرنسيين في سوريا.
ويرى مراقبون أن تزامن التحركات الأوروبية ضد مسؤولين سابقين في النظام السوري يعكس اتجاهاً قضائياً موحداً في الاتحاد الأوروبي لتطبيق العدالة الدولية بشكل فعّال على ملفات الحرب السورية.
العقوبات المحتملة على المتهمين
بحسب القانون النمساوي، فإن عقوبة جرائم الحرب قد تصل إلى السجن لمدة عشر سنوات في حال الإدانة.
وتشير المصادر القضائية إلى أن جلسات الاستماع الأولية للمتهمين ستبدأ خلال الأسابيع المقبلة في العاصمة فيينا، على أن تُنشر تفاصيل إضافية مع تقدم المحاكمة.
خلفية: انتهاكات نظام الأسد في الرقة
كانت مدينة الرقة من أبرز المناطق التي شهدت حملات اعتقال واسعة وتعذيب ممنهج خلال الأعوام الأولى من الحرب السورية.
ووثّقت تقارير منظمات مثل العفو الدولية والشبكة السورية لحقوق الإنسان آلاف حالات الاختفاء القسري والانتهاكات ضد المدنيين على يد الأجهزة الأمنية للنظام بين عامي 2011 و2013.
ويُتوقع أن تستند المحكمة النمساوية إلى هذه الوثائق والشهادات ضمن ملفاتها القانونية.
من هم الضباط السوريون المتهمون في النمسا؟
عميد سابق في المخابرات السورية ومقدم كان يشغل منصب رئيس مكتب التحقيق الجنائي في مدينة الرقة خلال عامي 2011–2013.
ما هي الجرائم المنسوبة إليهما؟
ارتكاب أعمال تعذيب واعتداءات جسدية وجنسية بحق مدنيين محتجزين أثناء الحرب في سوريا.
على أي أساس تُجرى المحاكمة في النمسا؟
استناداً إلى مبدأ الولاية القضائية العالمية الذي يتيح محاكمة مرتكبي جرائم الحرب بغض النظر عن مكان ارتكابها.
ما العقوبة التي قد يواجهها المتهمان؟
قد تصل العقوبة إلى السجن لمدة عشر سنوات في حال إدانتهما وفق القانون النمساوي.
