كشفت سلطات الجمارك الرومانية عن شبكة تهريب دولية منظمة، عندما احتجزت سائق شاحنة مولدوفي الجنسية عند معبر ليوشيني ألبيتا الحدودي خلال الأيام الماضية، وعثرت بداخلها على مخبأ أسلحة كبير. وتثير عملية ضبط الشحنة التي تشمل صواريخ روسية وأميركية الصنع تساؤلات خطيرة حول مسارات تهريب الأسلحة في أوروبا بعد تورط أسماء خمس دول رئيسية في شبكة النقل، هي روسيا وأوكرانيا ورومانيا ومولدوفا وإسرائيل كوجهة مزعومة، مما يؤكد أن السوق السوداء للسلاح في القارة قد بلغت مستويات غير مسبوقة.
شحنة الأسلحة الفتاكة: ماذا تضمنت؟

تضمنت الحمولة التي كانت الشاحنة تخفيها تحت غطاء “قطع معدنية” مدرجة في وثائق شركة مولدوفية لمواد البناء، معدات عسكرية فائقة الخطورة. هذا الكشف جاء بعد اشتباه موظفي الجمارك في الشحنة، الذين أمروا بإجراء فحص بالأشعة السينية كشف محتواها الحقيقي.
الحمولة المفاجئة تضمنت ما يلي:
- صواريخ مضادة للطائرات: أنابيب لصواريخ “إيغلا” الروسية التي تطلق من الكتف، وسبعة صواريخ “ستينغر” أميركية الصنع، وهو نظام دفاع جوي فعال يبلغ مداه حوالي 5 كيلومترات وقادر على إسقاط الطائرات والمسيّرات.
- صواريخ مضادة للدبابات: وحدات إطلاق لصواريخ “كورنيت” الروسية المضادة للدبابات.
- قذائف ومكونات مسيّرات: 26 قذيفة “آر بي جي”، بالإضافة إلى مكونات لطائرات روسية مسيّرة، بما في ذلك أجزاء من الرأس والذيل.
وقد تم التحفظ على الشاحنة على الفور، في حين قامت القوات الرومانية الخاصة بتأمين المنطقة بالكامل، مما يشير إلى مدى خطورة هذه العملية المنظمة على الأمن الأوروبي والإقليمي.
اتهامات متبادلة ومسارات التهريب المحتملة
أثارت القضية خلافات وتكهنات حول المصدر والوجهة النهائية للشحنة. ففي حين زعم السائق المولدوفي أن الشحنة كانت متجهة إلى إسرائيل، سارع سياسيون مولدوفيون للتشكيك في هذه الرواية، مشيرين إلى تورط محتمل لأوكرانيا.
في هذا السياق، صرح نائب رئيس لجنة الأمن القومي في برلمان مولدوفا، ريناتو أوساتي، بأن وجود صواريخ “ستينغر” يستبعد بلاده كمصدر، مجادلاً بأن آلاف وحدات “ستينغر” التي أرسلتها الولايات المتحدة وأوروبا إلى أوكرانيا ربما تم تحويل مسارها وظهرت في السوق السوداء. وطالب أوساتي بتحقيق استخباراتي مشترك بين رومانيا ومولدوفا وأوكرانيا.
كما تبرأ المساهم الأكبر في الشركة المولدوفية المالكة للشاحنة من علمه بالشحنة، مشيراً إلى أن “أحد معارفه طلب المساعدة في إصدار وثائق التصدير”، مما يوحي بوجود غطاء قانوني مُضلل للعملية.
دور مولدوفا كنقطة عبور وتساؤلات حول الفساد
تتزايد التكهنات بأن مولدوفا، على الرغم من دورها الإيجابي في الإبلاغ عن الشحنة، قد تكون أصبحت نقطة عبور رئيسية للأسلحة المهربة. مدير دائرة الجمارك في مولدوفا، رادو فرابي، أكد أن مسؤولاً مولدوفياً كان أول من أشار إلى الشحنة المشبوهة وأبلغ بها السلطات الرومانية، لكنه أقر في الوقت ذاته بضرورة إجراء تحقيق داخلي لتحديد ما إذا كان “الفساد أو الإخفاقات الأمنية قد لعبت دوراً في ذلك”.
هذا التناقض يغذي الاتهامات الروسية المتكررة بأن حلف شمال الأطلسي (الناتو) يسهل تهريب الأسلحة إلى أوكرانيا عبر مولدوفا، قبل أن “تختفي” وتظهر في السوق السوداء العالمية. مسؤولون أمنيون أشاروا إلى أن منظومتي “إيغلا” و”كورنيت” روسيتي الصنع ليستا جزءاً من ترسانة مولدوفا العسكرية، مما يزيد من تعقيد شبكة التوريد.
لماذا تهتم الجالية السورية بمسارات الأسلحة؟
بالنسبة للجمهور السوري، خاصة في الشتات الأوروبي، فإن الكشف عن مسارات تهريب الأسلحة يثير مخاوف متعددة:
- استقرار المنطقة: يؤكد هذا الحدث على عدم استقرار المناطق المجاورة للشرق الأوسط، مما يؤثر على مصير اللاجئين وقرارات الهجرة.
- السوق السوداء: تخشى الجالية من وصول مثل هذه الأسلحة إلى جهات غير نظامية أو إرهابية في الشرق الأوسط، بما في ذلك المناطق القريبة من سوريا، مما يهدد أي آفاق للاستقرار.
- العلاقة بين أوكرانيا والشرق الأوسط: تسلط هذه القضية الضوء على الطرق السرية التي تربط بين مناطق الصراع في شرق أوروبا والشرق الأوسط، وهي طرق قد تستخدم في نقل أشياء أخرى غير الأسلحة، مثل البشر أو المواد غير المشروعة الأخرى.
إن ضبط هذه الشحنة الضخمة في رومانيا يكشف بجلاء عن تحديات الأمن الإقليمي والدولي في مرحلة ما بعد الحرب الأوكرانية، ويؤكد على أن التجارة غير المشروعة في السلاح لا تزال تشكل تهديداً عابراً للحدود والقارات.
تحديث (12:35 م): لم تصدر السلطات الرومانية أو المولدوفية أي بيانات رسمية إضافية حول نتائج التحقيقات المشتركة.
