أكد الدكتور محمد كتوب، المندوب الدائم لسوريا لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW)، اليوم (السبت 22 نوفمبر 2025)، أن مخلفات الأسلحة الكيميائية المنتشرة في عدد من المناطق السورية تشكل “خطراً كبيراً” على المدنيين. وفي تصريحات نقلتها “الإخبارية السورية” من مقر البعثة في لاهاي، شدد كتوب على أن سوريا ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية عادتا إلى التعاون بمسؤولية كاملة بعد أشهر من تجميد عمل البعثة، وذلك ضمن التزام الدولة الجديدة بمساءلة مرتكبي الجرائم الخطيرة في حقبة النظام البائد. وتأتي هذه الخطوات لتعزز مسار العدالة الذي يتخذه النظام الانتقالي في دمشق.
خطر المخلفات والمقاربة الوطنية للعدالة
تُعد المخلفات الكيميائية الناتجة عن أكثر من مئتي هجوم كيميائي شنه النظام البائد على مدى 12 عاماً ملفاً أمنياً وإنسانياً شائكاً. وفي هذا الصدد، أشار كتوب إلى أن الشعب السوري كان الضحية الرئيسية لاستخدام هذا السلاح، مؤكداً أن العدالة للضحايا والمساءلة للجناة تشكل “محوراً أساسياً” في مقاربة سوريا للتعامل مع هذا الإرث الثقيل.
ولفت المندوب الدائم إلى أن البعثة السورية أعادت تفعيل عملها، وكان أول ضيف لها هو رئيس الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للتحقيق في الجرائم الخطيرة في سوريا، روبرت بيتي، الأمر الذي يعكس التزام دمشق بتعزيز التعاون الدولي في هذا الملف. وقال وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني في تصريح سابق إن اعتماد المندوب الدائم هو التزام “بإغلاق صفحة الإرث الأسود الذي خلّفه النظام البائد”.

الجهود الميدانية: 100 موقع مشتبه به
كشف الدكتور كتوب عن تفاصيل مهمة تتعلق بالجهود الميدانية لتأمين المواقع الملوثة، حيث تضم قائمة المواقع المشتبه بوجود مخلفات أسلحة كيميائية فيها نحو 100 موقع في مختلف أنحاء البلاد.
وأوضح كتوب أن الجيش السوري والجهات المختصة يعملون “منذ اليوم الأول للتحرير” على تأمين هذه المواقع وحمايتها من أي خطأ قد يهدد حياة المدنيين. وأكد أن الفرق الوطنية زارت 23 موقعاً حتى الآن، مؤكداً أن بعض المواقع تعرضت لقصف إسرائيلي سابقاً مما يزيد من خطورة التعامل معها. ويتطلب هذا العمل المشترك جهوداً مكثفة من وزارات الدفاع والطوارئ والصحة والعدل.
المسار الدبلوماسي: استعادة حقوق سوريا
تتزامن هذه الجهود الميدانية مع تحركات دبلوماسية مكثفة لاستعادة حقوق سوريا ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بعد أن فقدت البلاد حقها في التصويت والترشح نتيجة جرائم النظام البائد.
وأشار كتوب إلى أن تسمية البرنامج الكيميائي بـ “برنامج حقبة الأسد” يعكس تصحيح السردية السائدة، وأن الجمهورية العربية السورية الحالية “لا علاقة لها بهذا الإرث الثقيل”. كما لفت إلى قرار يدعو مجلس الدول الأعضاء إلى مراجعة حقوق وامتيازات سوريا تمهيداً لاستعادة حقها في التصويت والترشح. وتعمل دمشق حالياً على استقطاب التعاون والخبرات التقنية من الدول الأعضاء لدعم عمليات التخلص من المخلفات، موجهة الشكر للبعثة القطرية التي تولت تمثيل سوريا خلال فترة تجميد عمل البعثة السورية.
وكانت الضربة الكيميائية في الغوطة عام 2013 قد جاءت بعد 31 هجوماً سابقاً، فيما كان آخر استخدام موثق للسلاح الكيميائي في الخامس من كانون الثاني 2024 في قرية خطاب بريف حماة، قبيل انهيار النظام بأشهر قليلة. [رابط داخلي: إرث الإبادة: قائمة بالهجمات الكيميائية الموثقة في عهد النظام البائد]
قراءات ذات صلة:
