شهدت المدن والبلدات السورية، اليوم الجمعة (28/11/2025)، تجمعاً شعبياً حاشداً بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لمعركة “ردع العدوان”، التي أسقطت نظام بشار الأسد. انطلقت مظاهرات الذكرى الأولى ردع العدوان من ساحات العاصمة دمشق وصولاً إلى الساحل، مؤكدة على هدفين رئيسيين: الوحدة الوطنية السورية الكاملة ورفض أي مشاريع للتقسيم، بالتزامن مع تنديد شعبي غاضب بالعدوان الإسرائيلي الأخير على بيت جن بريف دمشق.
دعوة الشرع.. التعبير عن فرحة التحرير
جاءت هذه التجمعات الجماهيرية استجابة للدعوة الرسمية التي وجهها رئيس الجمهورية العربية السورية، أحمد الشرع، في كلمته المتلفزة مساء الخميس. هنأ الرئيس الشرع الشعب السوري بذكرى “بدء معركة تحرير سوريا بكاملها”، ودعاهم للنزول إلى الساحات للاحتفال وإظهار اللحمة الوطنية.
كانت الاستجابة واسعة النطاق، خاصة في دمشق وحلب. لاحظ مراسلنا في العاصمة أن الفعالية الشعبية انطلقت بعد صلاة الجمعة من أمام الجامع الأموي التاريخي، حيث تدافعت الحشود مروراً بسوق الحميدية الشهير، قبل أن تتجه نحو ساحة الأمويين. في هذا المسير، وتحت أشعة شمس دمشق الدافئة، اختلطت أصوات الهتافات المنددة بالتقسيم بعبارات الفخر بالوحدة الوطنية. وفق ما أفادت به وكالة الأنباء السورية (سانا)، شهد ريف العاصمة مشاركة واسعة في مدن دوما وحرستا وأشرفية صحنايا، التي كانت مسرحاً لمعارك ضارية قبل عام واحد بالضبط.
أما في الشمال، فكان المشهد مشابهاً. حيث شهد مركز مدينة حلب، وفي ساحة سعد الله الجابري تحديداً، تجمعاً حاشداً. وفي قبتان الجبل بالريف الحلبي، احتفل الأهالي بذكرى المعركة التي اتخذت من بلدتهم منطلقاً للهجوم على مواقع قوات النظام في 27 تشرين الثاني 2024. هذه مظاهرات الذكرى الأولى ردع العدوان تثبت أن الشارع السوري، بكافة أطيافه، ما زال يرى في يوم التحرير نقطة انطلاق جديدة.

الوحدة في مواجهة العدوان والتقسيم
لم تقتصر التظاهرات على الاحتفال بذكرى إسقاط النظام المجرم، بل حملت رسائل سياسية واضحة ومباشرة. الرسالة الأهم كانت الرفض القاطع لأي دعوات أو مشاريع تهدف إلى تقسيم التراب السوري.
هذا الموقف الشعبي تزامن مع استهداف إسرائيل لبلدة بيت جن بريف دمشق، وهو ما أعطى التظاهرات بعداً وطنياً عاجلاً. المتظاهرون نددوا بشدة بالعدوان الإسرائيلي الذي راح ضحيته 13 شهيداً مدنياً ونحو 25 جريحاً.
وفي تصريح خاص لـ”سوريا نت”، قال مازن أبو علي، ناشط مدني من مدينة حمص حضر التجمع في ساحة الساعة:
“اليوم لم نأتِ لنحتفل فقط، بل لنقول بصوت واحد: بلدنا واحد ولن يتقسم، ونحن معك يا رئيس الشرع في رفض التقسيم. القصة مو مجرد شعارات، هذا دمنا وكياننا”.
وأضاف أبو علي: “في هذا التوقيت الحساس، بعد ما شفناه في بيت جن، لازم العالم يعرف إن السوريين ما راح يسكتوا على احتلال أو عدوان، سواء كان من الاحتلال الإسرائيلي أو من أي جهة بتفكر تفرّق الصف”.
إن إظهار اللحمة والوحدة الوطنية كان مطلباً أساسياً أكد عليه الرئيس الشرع، وهذا هو السياق التاريخي لهذه مظاهرات الذكرى الأولى ردع العدوان. إذ يرى العديد من المحللين أن استعراض القوة الشعبية يهدف إلى مواجهة الأصوات الداخلية والخارجية التي بدأت تروج لفكرة الفيدرالية أو التقسيم بعد سقوط الحكم المركزي السابق.

من العاصي إلى الكورنيش: اللحمة الوطنية تتجسد
في المحافظات الأخرى، رصد مراسلو “سوريانت” صوراً حية لمدن لم تشهد مثل هذه اللمة الشعبية منذ سنوات طويلة. في حمص، كانت ساحة الساعة تعج بالمواطنين، وكذلك ساحة العاصي في حماة، حيث ارتفعت أصوات التكبير والهتافات الموحدة.
في طرطوس، شهد ساحة الكورنيش البحري تجمعاً كبيراً، وفي إدلب التي تعافت حديثاً، كانت ساحة السبع بحرات مركزاً للتجمع. هذه الخريطة الموحدة للتظاهرات، التي تشمل دمشق وحلب وحمص وحماة وطرطوس وريف دمشق، تبعث برسالة قوية حول سلامة التراب السوري ووحدة أراضيه.
بحسب مصدر مطلع في مكتب الرئيس الشرع، فضل عدم الكشف عن هويته، فإن:
“المعركة اليوم ليست عسكرية فقط. المعركة الحقيقية هي بناء الثقة بين كل مكونات الشعب السوري، وإثبات أن القرار الوطني واحد. نزول الناس إلى الساحات هو تفويض شعبي للقيادة الجديدة للتمسك بوحدة سوريا، وهذا هو الرد الأقوى على كل مشاريع التفتيت والتقسيم”.
هذا التطور يأتي بعد عام من جهود إسقاط النظام وبدء مرحلة جديدة تتركز فيها القيادة على إعادة بناء مؤسسات الدولة والعمل على إغاثة المتضررين.
خاتمة: تثبيت الشرعية وتوقعات المرحلة القادمة
إن نجاح مظاهرات الذكرى الأولى ردع العدوان في حشد هذا الكم الهائل من السوريين عبر كل المحافظات، يمثل مكسباً سياسياً كبيراً للقيادة الجديدة ممثلة بالرئيس أحمد الشرع. هذا الحشد يؤكد الشرعية الشعبية للتحولات الأخيرة ويرسخ مفهوم الوحدة الوطنية في مواجهة التحديات.
التطورات المتوقعة هي أن يتم استغلال هذا الزخم الشعبي لدعم قرارات حاسمة قادمة تتعلق بمواجهة العدوان الخارجي، وتحديداً الإسرائيلي، وقطع الطريق بشكل نهائي أمام أية أطراف داخلية أو إقليمية تحاول العبث بوحدة الصف السوري. ستبقى مظاهرات الذكرى الأولى ردع العدوان نقطة مرجعية لإظهار اللحمة الوطنية في المرحلة المقبلة.
أسئلة شائعة حول مظاهرات الذكرى الأولى ردع العدوان
ما هو الغرض من مظاهرات 28 نوفمبر 2025؟
الهدف هو الاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لمعركة “ردع العدوان” التي أدت لإسقاط النظام، ورفض مشاريع تقسيم البلاد، والتنديد بالعدوان الإسرائيلي الأخير على بيت جن.
من هي الشخصية التي دعت إلى النزول للساحات؟
دعا رئيس الجمهورية العربية السورية، أحمد الشرع، الشعب السوري للنزول إلى الساحات والميادين للتعبير عن فرحتهم وإظهار الوحدة الوطنية.
ما هي المدن الرئيسية التي شهدت التجمعات الحاشدة؟
شهدت دمشق (ساحة الأمويين)، حلب (ساحة سعد الله الجابري)، حمص (ساحة الساعة)، حماة، طرطوس، وإدلب تجمعات شعبية حاشدة.
