أثارت ساعة مكتب ذهبية فاخرة من “رولكس” وقِطعة ذهبية خام بقيمة 130 ألف دولار، جدلاً واسعاً في واشنطن وعواصم أوروبا، بعد أن كشف مدوّنون عن تلقي الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب هذه هدايا ترامب السويسرية من وفد رجال أعمال سويسريين في الأسبوع الأول من نوفمبر. هذا الحدث جاء قبيل قرار رئاسي بخفض الرسوم الجمركية على الواردات السويسرية. الفضيحة تفتح الباب على تساؤلات جدية حول شخصنة النفوذ الرئاسي وعلاقة السياسات التجارية ببريق الذهب.
كيف كُشفت هدايا ترامب السويسرية الباهظة؟
ما لم يكن ليتكشف لولا يقظة مدونين ومحققين عبر الإنترنت، هو ظهور ساعة جديدة تماماً على مكتب الرئيس ترامب داخل المكتب البيضاوي. بدأ هؤلاء المحققون في البحث عن مصدر الساعة الجديدة. تتبعت جهودهم مصدر الساعة إلى وفد سويسري مؤلف من سبعة رجال أعمال، قاموا بتقديم الهدايا في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر الماضي.
كانت الهدايا عبارة عن قِطعتين فاخرتين للغاية:
- الساعة الذهبية: قُدمت من جان-فريديريك دوفور، المدير التنفيذي لشركة “رولكس” العملاقة. وصف دوفور الساعة في رسالة لترامب بأنها “تعبير متواضع ورصين عن صناعة الساعات السويسرية التقليدية”، وهي هدية تعكس مستوى الصناعة والدقة السويسرية.
- سبيكة الذهب (130 ألف دولار): أهداها ماروان شكرَتشي، رئيس شركة تكرير الذهب السويسرية MKS. كان المحفور على هذه السبيكة الذهبية الرقم 45 والرقم 47، في إشارة صريحة وواضحة إلى رئاسة ترامب الأولى والرئاسة الثانية المتوقعة.
هذه اللفتات الفخمة سبقت مباشرة قرار ترامب خفض الرسوم الجمركية على الواردات السويسرية بشكل كبير، حيث تم خفض الرسوم من 39% إلى 15%. هذه الشغلة هي التي أثارت الشكوك وجعلت القصة تصل إلى الأوساط السياسية الأوروبية.

“هجوم ذهبي ساحر” يلوث السياسة الخارجية
الارتباط الزمني بين تلقي هدايا ترامب السويسرية وبين تخفيض الرسوم الجمركية أثار ردود فعل غاضبة في أوروبا والولايات المتحدة. السياسيون اعتبروا أن هذه الخطوة تعد تلويثاً واضحاً لعملية صنع القرار السياسي.
في إيطاليا، أعرب باسكواله تريديكو، عضو البرلمان الأوروبي والرئيس السابق للمعهد الوطني للضمان الاجتماعي، عن اشمئزازه الشديد من الحدث. قال تريديكو:
“كنت مشمئزاً من الهجوم الذهبي الساحر الذي جرى. هذا أمر فظيع حقاً، يبدو وكأنه تحويل السياسة الخارجية إلى سياسة أفراد”.
هذا التطور يأتي بعد سلسلة من قرارات ترامب التجارية المثيرة للجدل التي كانت تستهدف حماية الصناعة الأميركية. لكن القرار الأخير بشأن سويسرا قلب الموازين.
من جانبها، اعتبرت ليزا ماتزوني، رئيسة حزب الخضر السويسري، أن الهدايا تُظهر أن “المنطق الفاسد لترامب قد سمّم النخب السويسرية”. وأضافت ماتزوني أن اعتماد المجلس الفيدرالي على “نخبة اقتصادية تمثل مصالح خاصة وتفتقر للشرعية الديمقراطية في مفاوضاته مع ترامب أمر غير مقبول”. هذا النقد يضع المسؤولية ليس فقط على ترامب، بل على رجال الأعمال السويسريين الذين استغلوا “شخصنة السياسة” لخدمة مصالحهم.
دفاع البيت الأبيض: مصلحة الشعب الأميركي هي الأساس
في خضم هذا الجدل، نفى البيت الأبيض وجود أي علاقة بين الهدايا الفاخرة والاتفاق التجاري الذي خفف الرسوم الجمركية. حاول البيت الأبيض احتواء الأزمة عبر تصريحات رسمية.
قال متحدث رسمي باسم البيت الأبيض إن:
“المصلحة الوحيدة التي توجه قرارات الرئيس ترامب هي مصلحة الشعب الأميركي”.
وأضاف المتحدث أن التفاهم مع سويسرا جاء بعد التزامها بضخ “200 مليار دولار للتصنيع والتوظيف في الولايات المتحدة”. هذا يضع القرار في سياق سياسة “أميركا أولاً” الاقتصادية لترامب.
كما أوضح مسؤول في الإدارة الأميركية أن البيت الأبيض يتلقى آلاف الهدايا التي تذهب بشكل روتيني إلى الأرشيف الوطني، مع إمكانية عرض بعضها في مكتبة الرئيس أو متحفه لاحقاً. وأشار إلى أنه “يجوز للرئيس الاحتفاظ ببعض الهدايا شخصياً أو شراؤها، لكن ذلك قد يخضع للضرائب”. هذا يعني أن ساعة “رولكس” وسبيكة الذهب قد لا تصبح ملكاً شخصياً لترامب بسهولة دون دفع قيمتها وضرائبها.
انعكاسات النفوذ الرئاسي على التجارة العالمية
لقد أثبتت هدايا ترامب السويسرية أن اللوبيات الاقتصادية ما زالت تجد طرقها للتأثير على القرارات الكبرى في واشنطن. التناقض الصارخ بين قيم الهدايا والتخفيض الجمركي يثير الريبة، حتى لو نفاه البيت الأبيض.
التطورات المتوقعة هي أن يطالب البرلمان الأوروبي ووكالات المراقبة الأميركية بتحقيق معمق في التوقيت والظروف المحيطة بالقرار التجاري. هذا الجدل يهدد بفتح ملف “شخصنة النفوذ الرئاسي” مجدداً، ويؤكد أن ثقافة الإهداءات الباهظة ما زالت تُستخدم كجسر لتمرير المصالح الخاصة على حساب الشفافية في السياسة التجارية العالمية.
أسئلة شائعة حول هدايا ترامب
ما هي قيمة الهدايا التي تلقاها دونالد ترامب؟
الهدية الأبرز هي ساعة مكتب ذهبية من “رولكس” وقِطعة ذهبية خام (سبيكة) قُدرت قيمتها بنحو 130 ألف دولار.
ما هو القرار التجاري الذي تلا تقديم الهدايا؟
القرار هو خفض الرسوم الجمركية على الواردات السويسرية إلى الولايات المتحدة، حيث انخفضت النسبة من 39% إلى 15%.
ما هو تفسير البيت الأبيض للعلاقة بين الهدايا والقرار؟
نفى البيت الأبيض أي علاقة، مؤكداً أن القرارات التجارية يوجهها “مصلحة الشعب الأميركي” وأن التفاهم مع سويسرا جاء بعد التزامها بضخ 200 مليار دولار للتصنيع في الولايات المتحدة.
